مشكلة غياب التنسيق بين الادارات واحدة من المشكلات الادارية المتكررة في شركاتنا العربية والتي تصلنا كثير من الرسائل تتكلم عن هذه المشكلة وعن الخسائر الفادحة التي تتكبدها الشركات نتيجة لغياب التنسيق بين الادارات وتطلب هذه الرسائل ترشيح حلول لتجنب هذه المشكلة.
وفي البداية دعونا نحدد ما المقصود بغياب التنسيق بين الادارات داخل شركة واحدة:
من المتفق عليه ان الادارات كيانات صغيرة داخل كيان اكبر وهو الشركة وبالتالي يجب على هذه الكيانات الصغيرة ان تعمل بتناغم معاً لتحقيق أهداف الشركة كل في تخصصه.
لكن الواقع يكشف عن عدم وجود تواصل فعال بين الادارات المختلفة واحيانا نجد تضارب في الاهداف فمثلاً تضع الادارة المالية أهدافها لتقليل المصروفات في بند الاجور في الوقت الذي تخطط فيه ادارة الموارد البشرية لاستقطاب كفاءات متميزة وعمل تعيينات اضافية جديدة.
هذا معناه ان كل ادارة من الادارتين تخطط أهدافها بمعزل عن الادارات الاخرى وبمعزل عن الاهداف العامة للشركة او الاستراتيجية العامة للشركة.
مثال اخر : تخطط ادارة التسويق لفتح أسواق جديدة واضافة منتجات جديدة بينما تعمل ادارة المبيعات على التركيز على بيع عدد محدد من المنتجات الرئيسية وعدم الاهتمام ببعض المنتجات في عملية البيع.
وغياب التنسيق بين الادارات في الشركة الواحدة يتسبب في تكرار الجهود او المشاريع فعلي سبيل المثال تقوم الادارة المالية بوضع لائحة السلف للموظفين في نفس الوقت تقوم ادارة الموارد البشرية بنفس العملية وبالتالي اصبحت اجراءات سلف الموظفين متكررة في ادارتين في نفس الشركة والصحيح ان لا يتم تكرار هذه الاجراء في ادارتين مختلفتين.
ومن المشكلات التي تنتج عن غياب التنسيق بين الادارات مشكلة التأخير في اتخاذ القرارات وذلك بسبب غياب المعلومات والبيانات أو تفرقها بين جهات مختلفة او ان عملية اتخاذ القرار يجب أن تمر بمستويات ادارية متعددة وتتصل بادارات مختلفة وهو ما يعني ان اتخاذ القرار يستغرق الكثير من الوقت والجهد ما يعني تفويت الفرصة على الشركة لاقتناص الفرص او تجنب المخاطر لان القرارات تصدر متأخرة.
ايضا يتسبب غياب التنسيق بين الادارات في حدوث مشكلة التواصل غير الجيد اوضعف في تبادل المعلومات والبيانات لان استخلاص البيانات والمعلومات يمر بعدد كبير من الادارات التي تعمل بمعزل عن بعضها البعض وبالتالي يحدث تأخر في انجاز المهام وتسليم المشاريع.
وفي الشركات التي تعاني من غياب التنسيق بين الادارات تزداد الشكاوي بين الادارات وفرق العمل وتفقد الشركة قدرتها على تحديد المخطئ والمسئول عن حدوث المشكلات.
كل ما سبق ينتج عنه ضعف في الاداء العام للشركة فتتأثر قدرة الشركة على تقديم الخدمات او المنتجات بجودة وتنافسية وتنحسر حصتها السوقية وتخسر عملاءها بشكل سريع.
لماذا تظهر مشكلة غياب التنسيق بين الادارات ؟
من خلال اعمالنا الاستشارية الممتدة لمدة 15 سنة في شركات تعمل في قطاعات مختلفة وبأحجام مختلفة يمكننا حضر الاسباب التي تؤدي الى غياب التنسيق بين الادارات في النقاط التالية :
1. اسباب تتعلق بالهيكل التنظيمي للشركة :
فبعض الهياكل التنظيمية للشركات صممت بطريقة خاطئة تتسبب في بطء تدفق المعلومات وتقلل من فرص التعاون بين الادارات. وبعض الهياكل التنظيمية صممت بطريقة لا تناسب واقع الشركة ولا تحدد بشكل دقيق المسئوليات والادوار للادارات الداخليةوهي نقطة غاية في الخطوة اذ لا تقدم هذه الهياكل تقسيماً واضحا ومحددا لوظيفة كل ادارة ومسئولياتها. وقد تعمل بعض الشركات بدون هيكل تنظيمي وهو ما يعني ان الشركة تعاني من الفوضى الادارية وان العمليات تدار بناء على خبرات شخصية غير منظمة.
2. اسباب تتعلق بالثقافة السائدة في الشركة:
تسود في بعض الشركات ثقافة سلبية تعارض العمل الجماعي وتعتقد ان العمل في جزر منعزلة هو نوع من انواع الحماية للمعلومات والبيانات وهو اعتقاد خاطي تماما. ويتسبب هذا الاعتقاد في انخفاض التفاعل بين الادارات وبطء الاجراءات وارتفاع معدلات الهدر في موارد العمل مثل الوقت والموارد البشرية وارتفاع تكاليف التشغيل بشكل كبير وهو ما يهدد ربحية الشركة وتنافسيتها في الاسواق.
3. اسباب تتعلق بانماط قيادة بانماط سلبية:
يتصور بعض المديرين وقادة الشركات ان تشجيع المنافسة السلبية بين الاقسام وتاجيج الصراعات بينها قد ينتج اثرا ايجابياً وهو تصور خاطئ تماما ويدل على فهم قاصر وعدم كفاءة ادارية ويتسبب في مشكلات كبيرة على المستوى المتوسط والبعيد ستدفع الشركة ثمنا فادحا نتيجة لهذا النمط السلبي من انماط القيادة.
4. اسباب تتعلق بنقص التدريب:
يفتقد بعض الاشخاص في وظائف ادارية الى التدريب الذي يساعدهم في فهم ادوراهم الوظيفية والقدرة على الوفاء بمتطلباتها. يحتاج هؤلاء الى التدريب على المهارات القيادية ومهارات التواصل وادارة الفرق بالاضافة الى التدريب الخاص بالمهارات الفنية في وظائفهم.